أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا ( المتنبى )

أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا :::


وَالبَينُ جارَ على ضُعْفي وَمَا عَدَلا ...................... أحْيَا وَأيْسَرُ مَا قاسَيْتُ ما قَتَلا


وَالصّبرُ يَنحلُ في جسمي كما نَحِلا .......................... وَالوَجدُ يَقوَى كما تَقوَى النّوَى أبداً

لهَا المَنَايَا إلى أرْوَاحِنَا سُبُلا .................................... لَوْلا مُفارَقَةُ الأحبابِ ما وَجَدَتْ

يهوَى الحيَاةَ وَأمّا إنْ صَدَدتِ فَلا.............................. بمَا بجفْنَيْكِ من سِحْرٍ صِلي دَنِفاً

شَيْباً إذا خَضَبَتْهُ سَلْوَةٌ نَصَلا................................... إلاّ يَشِبْ فَلَقَدْ شابَتْ لَهُ كبدٌ

تَزورُهُ مِن رِياحِ الشّرْقِ مَا عَقَلا............................... يَحِنّ شَوْقاً فَلَوْلا أنّ رَائِحَةً

مَن لم يَذُقْ طَرَفاً منها فقدْ وَألا............................... هَا فانْظُري أوْ فَظُنّي بي تَريْ حُرَقاً

إلى التي تَركَتْني في الهَوَى مَثَلا............................ عَلّ الأميرَ يَرَى ذُلّي فيَشْفَعَ لي

لمّا بَصُرْتُ بهِ بالرّمْحِ مُعْتَقِلا.................................. أيْقَنْتُ أنّ سَعيداً طَالِبٌ بدَمي

وَنَائِلٌ دونَ نَيْلي وَصْفَهُ زُحَلا .............................. وأنّني غَيرُ مُحْصٍ فَضْلَ والِدِهِ

في الأفْقِ يَسألُ عَمّنْ غيرَهُ سألا................................ قَيْلٌ بمَنْبِجَ مَثْواهُ ونَائِلُهُ

وَيَحْمِلُ الموتُ في الهيجاء إن حمَلا ................................ يَلوحُ بَدْرُ الدّجى في صَحنِ غُرّتِهِ

وَسَيْفُهُ في جَنَابٍ يَسْبِقُ العَذَلا ..................................... تُرَابُهُ في كِلابٍ كُحْلُ أعْيُنِهَا

لوْ صاعدَ الفكرَ فيهِ الدّهرَ ما نَزَلا................................... لنُورِهِ في سَمَاءِ الفَخْرِ مُخْتَرَقٌ

قِدْماً وساقَ إليْها حَيْنُهَا الأجَلا................................. هُوَ الأميرُ الذي بَادَتْ تَميمُ بهِ

وَالحَرْبُ غَيرُ عَوَانٍ أسلموا الحِلَلا.............................. لمّا رَأوْهُ وَخَيْلُ النّصْرِ مُقْبِلَةٌ

إذا رَأى غَيرَ شيءٍ ظَنّهُ رَجُلا..................................... وَضاقَتِ الأرْضُ حتى كانَ هارِبُهمْ

بالخَيْلِ في لهَوَاتِ الطّفلِ ما سَعَلا ............................ فَبَعْدَهُ وإلى ذا اليَوْمِ لوْ رَكَضَتْ

وَقَد قَتَلتَ الأُلى لم تَلْقَهُمْ وَجَلا ................................ فَقَدْ تركْتَ الأُلى لاقَيْتَهُمْ جَزَراً

قَلْبُ المُحِبّ قَضاني بعدما مَطَلا .............................. كَمْ مَهْمَهٍ قَذَفٍ قَلبُ الدّليلِ به

وَحُرَّ وَجْهي بحَرّ الشّمسِ إذْ أفَلا ................................ عَقَدْتُ بالنّجْمِ طَرْفي في مَفاوِزِهِ

تَغَشْمَرَتْ بي إليكَ السهلَ وَالجَبَلا ................................ أوْطَأتُ صُمَّ حَصاها خُفَّ يَعْمَلَةٍ

سَمِعْتَ للجنّ في غيطانهَا زَجَلا ....................................... لوْ كنتَ حشوَ قَميصي فوْقَ نُمرُقهَا

وَلَيْتَني عِشْتُ مِنْهَا بالّذي فَضَلا ................................... حتى وَصَلْتُ بنَفْسٍ ماتَ أكثرُها

يا مَنْ إذا وَهَبَ الدّنْيا فقَد بخِلا ..................................... أرْجو نَداكَ وَلا أخشَى المِطالَ بهِ